فصل: ومن باب تخفيف الصلاة لأمر يحدث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم:

قال أبو داود: حدثنا حسين بن عيسى حدثنا طلق بن غنام حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة، عَن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك».
قوله: «وبحمدك» ودخول الواو فيه أخبرني ابن خلاد قال سألت الزجاج عن ذلك فقال معناه سبحانك اللهم وبحمدك سبحتك، ومعنى الجد العظمة هاهنا.
وقد اختلف العلماء فيما يستفتح به الصلاة من الذكر بعد التكبير فذهب الشافعي إلى ما رواه عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه، وذهب سفيان وأصحاب الرأي إلى حديث عائشة، هذا وبه قال أحمد وإسحاق.
وكان مالك لا يقول شيئا من ذلك إنما يكبر ويقرأ الحمد لله رب العالمين.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنواع من الذكر في استفتاح الصلاة. وقد روى أبو داود بعضها وترك بعضها وهو من الاختلاف المباح فبأيها استفتح الصلاة كان جائزا وإن استعمل رجل مذهب مالك ولم يقل شيئًا أجزأته صلاته وكرهناه له.

.ومن باب السكتة عند الافتتاح:

قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا يزيد حدثنا سعيد حدثنا قتادة عن الحسن أن سمرة وعمران بن حصين تذاكرا فحدث سمرة أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة: 7] فأنكر عليه عمران فكتبا في ذلك إلى أبي بن كعب فكان في كتابه إليهما أن سمرة قد حفظ.
قلت: إنما كان يسكتها ليقرأ من خلفه فيهما فلا ينازعوه القراءة إذا قرأ وإليه ذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل.
وقال مالك بن أنس وأصحاب الرأي السكتة مكروهة.

.ومن باب من لم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم:

قال أبو داود: نا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد الله رب العالمين».
قلت: قد يحتج بهذا الحديث من لا يرى أن التسمية من فاتحة الكتاب، وليس المعنى كما توهمه، وإنما وجهه ترك الجهر بالتسمية بدليل ما روى ثابت البناني عن أنس أنه قال: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم».
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلم عن بديل بن ميسره، عَن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يُشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائمًا وكان إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدًا وكان إذا جلس يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان يقول في كل ركعتين التحيات لله وكان ينهى عن عقب الشيطان وعن فرشة السبع وكان يختم الصلاة بالتسليم».
قولها: «كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين» قد يحتمل أن يكون أرادت به تعيين القراءة فذكرت اسم السورة وعرفتها بما يتعرف به عند الناس من غير حذف آية التسمية كما يقال قرأت البقرة وقرأت آل عمران يراد به السورة التي يذكر فيها البقرة وآل عمران.
وقولها: «لم يصوبه» أي لم يخفضه وعقب الشيطان هو أن يقعي فيقعد على عقبيه في الصلاة لا يفترش رجله ولا يتورك وأحسب أني سمعت في عقب الشيطان معنى غير هذا فسره بعض العلماء لم يحضرني ذكره. وفرشة السبع أن يفترش يديه وذراعيه في السجود يمدهما على الأرض كالسبع، وإنما السنة أن يضع كفيه على الأرض ويقل ذراعيه ويجافي بمرفقيه عن جنبيه.
وفي قولها: «كان يفتتح الصلاة بالتكبير ويختمها بالتسليم» دليل على أنهما ركنان من أركان الصلاة لا تجزي إلاّ بهما لأن قولها كان يفتتح الصلاة بالتكبير ويختمها بالتسليم إخبار عن أمر معهود مستدام، وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

.ومن باب في تخفيف الصلاة:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن عمرو سمعه من جابر «كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه فأخر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الصلاة وقال مرة العشاء فصلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى، فقيل نافقت فقال ما نافقت فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنا نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة فقال ما معاذ أفتان أنت أفتان أنت اقرأ بكذا اقرأ بكذا»، قال أبو الزبير بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى فذكرنا لعمرو فقال أراه قد ذكره.
النواضح الإبل التي يستقى عليها، والفتان هو الذي يفتن الناس عن دينهم ويصرفهم عنه، وأصل الفتنة الامتحان، يقال فتنت الفضة في النار إذا امتحنتها فأحميتها بالنار لتعرف جودتها.
وفي الحديث من الفقه جواز صلاة للمفترض خلف المتنفل.
وفيه أن المأموم إذا حزبه أمر يزعجه عن إتمام الصلاة مع الإمام كان له أن يخرج من إمامته ويتم لنفسه. وقد تأوله بعض الناس على خلاف ظاهره وزعم أن صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نافلة وليس هذا عندنا كما توهمه وذلك أن العشاء اسم للفريضة دون النافلة. ثم لا يجوز على معاذ مع فقهه أن يترك فضيلة الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فعل نفسه، هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة» وكيف يجوز عليه أن يترك المكتوبة وقد أقيمت إلى النافلة التي لم تكتب عليه ولم يخاطب بها.
قال أبو داود: حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا محمد بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر وذكر قصة معاذ قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم للفتى: «كيف تصنع يا ابن أخي إذا صليت قال أقرأ: بفاتحة الكتاب وأسأل الله الجنة وأعوذ به من النار وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ».
الدندنة قراءة مبهمة غير مفهومة والهينمة مثلها أو نحوها.

.ومن باب تخفيف الصلاة لأمر يحدث:

قال أبو داود: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكر عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله: «إني لأقُومُ إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فاسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن أشق على أمه».
فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحس برجل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعا ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة الإنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله بل هو أحق بذلك وأولى. وقد كرهه بعض العلماء وشدد فيه بعضهم وقال أخاف أن يكون شركًا وهو قول محمد بن الحسن.

.ومن باب قدر القراءة في الظهر:

قال أبو داود: حدثنا مسدد نا عبد الوارث عن موسى بن سالم نا عبد الله بن عبيد الله قال دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم فقلنا لشاب منا سله أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر فقال لا قال فلعله يقرأ في نفسه قال خمشًا هذه شر من الأولى.
قوله: «خمشا» دعاء عليه بأن يخمش وجهه أو جلده كما يقال جدعًا له وصلبا وطعنا ونحو ذلك من الدعاء بالسوء.
قلت: وهذا وهم من ابن عباس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الظهر والعصر من طرق كثيرة منها حديث أبي قتادة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا. ومنها حديث خباب «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر فقيل له بم كنتم تعرفون قال باضطراب لحيته».

.ومن باب قدر القراءة في المغرب:

قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج حدثني ابن أبي مليكة عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال: قال لي زيد بن ثابت ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين.
قلت: أصحاب الحديث يقولون بطول الطِوالين وهو غلط، والطول الحبل وليس هذا بموضعه إنما هو طُولى الطُوليين يريد أطول السورتين، وطُولى وزنه فعلى تأنيث أطول، والطوليين تثنية الطولى، ويقال أنه أراد سورة الأعراف وهذا يدل على أن للمغرب وقتين كسائر الصلوات.
وقد وردت فيه أخبار أكثرها صحيح. حديث عبد الله بن عمرو وحديث بريدة وحديث أبي موسى، وقد تقدم الكلام فيها في موضعها.

.ومن باب من ترك القراءة في صلاته:

قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام» قال فقلت يا أبا هُرَيْرَة فإني أكون أحيانا وراء الإمام فغمز ذراعي وقال اقرأ بها يا فارسي في نفسك فإني سمعت رسول الله يقول: «قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا يقول العبد: {الحمد لله رب العالمين} يقول الله حمدني عبدي، يقول العبد: {الرحمن الرحيم} يقول الله أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: {مالك يوم الدين} يقول الله عز وجل مجدني عبدي، يقول العبد: {إياك نعبد وإياك نستعين} يقول الله وهذه بيني وبيني عبدي ولعبدي ما سأل؛ يقول العبد: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل».
قوله: «فهي خداج» معناه ناقصة نقص فساد وبطلان، تقول العرب أخدجت الناقة إذا ألقت ولدها وهو دم لم يستبن خلقه فهي مخدج والخداج اسم مبني منه.
وقوله: «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» فإنه يريد بالصلاة القراءة يدل على ذلك قوله عند التفسير له والتفصيل للمراد منه إذا قال العبد: {الحمد الله رب العالمين} يقول الله حمدني عبدي إلى آخر السورة وقد تسمى القراءة صلاة لوقوعها في الصلاة وكونها جزءا من أجزائها كقوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الإسراء: 110] قيل معناه القراءة وقال: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78] أراد صلاة الفجر فسمى الصلاة مرة قرآنا والقرآن مرة صلاة لانتظام أحدهما الآخر يدل على صحة ما قلناه. قوله: «بيني وبين عبدي نصفين» والصلاة خالصة لله لا شرك فيها لأحد فعقل أن المراد به القراءة.
وحقيقة هذه القسم منصرفة إلى المعنى لا إلى متلو اللفظ وذلك أن السورة من جهة المعنى نصفها ثناء ونصفها مسألة ودعاء، وقسم الثناء ينتهي إلى قوله: {إياك نعبد} وهو تمام الشطر الأول من السورة وباقي الآية وهو قوله: {وإياك نستعين} من قسم الدعاء والمسألة. ولذلك قال وهذه الآية بيني وبين عبدي ولو كان المراد به قسم الألفاظ والحروف لكان النصف الآخر يزيد على الأول زيادة بينة فيرتفع معنى التعديل والتنصيف وإنما هو قسمة المعاني كما ذكرته لك وهذا كما يقال نصف السنة إقامة ونصفه سفر، يريد به انقسام أيام السنة مدة للسفر ومدة للإقامة لا على سبيل التعديل والتسوية بينهما حتى يكونا سواء لا يزيد أحدهما على الآخر، وقيل لشريح كيف أصبحت قال أصبحت ونصف الناس عليّ غضاب يريد أن الناس محكوم له ومحكوم عليه، فالمحكوم عليه غضبان عليّ لاستخراج الحق منه وإكراهي إياه عليه وكقول الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفين شامتٌ ** بموتي ومثن بالذي كنت أفعل

وقد يستدل بهذا الحديث من لا يرى التسمية آية من فاتحة الكتاب، وقالوا لو كانت آية منها لذكرت كما ذكر سائر الآي، فلما بدئ بالحمد لله دل أنه أول آية منها وأن لاحظ للتسمية فيها.
وقد اختلف الناس في ذلك فقال قوم هي آية من فاتحة الكتاب وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وسعيد بن جبير وعطاء وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد، وقال آخرون ليست التسمية من فاتحة الكتاب روي ذاك عن عبد الله بن المغفل. وإليه ذهب أصحاب الرأي وهو قول مالك والأوزاعي.
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: حَدَّثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا» قال سفيان لمن يصلي وحده.
قلت: هذا عموم لا يجوز تخصيصه إلاّ بدليل.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال: «كنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ رسول الله فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا نعم هذَّاَّ يا رسول الله قال لا تفعلوا إلاّ بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها».
قلت: هذا الحديث نص بأن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على من صلى خلف الإمام سواء جهر الإمام بالقراءة أو خافت بها وإسناده جيد لا طعن فيه. والهذ سرد القراءة ومداركتها في سرعة واستعجال، وقيل أراد بالهذ الجهر بالقراءة وكانوا يلبسون عليه قراءته بالجهر، وقد روي ذلك في حديث عبادة هذا من غير هذا الطريق.
وقوله: «لا تفعلوا» يحتمل أن يكون المراد به الهذ من القراءة وهو الجهر بها ويحتمل أن يكون أراد بالنهي ما زاد من القراءة على فاتحة الكتاب.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي، عَن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال هل قرأ معي أحد منكم آنفا فقال رجل نعم يا رسول الله قال إني أقول ما لي أنازع القرآن قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه من الصلوات حين سمعوا ذلك منه».
قلت: قوله فانتهى الناس عن القراءة من كلام الزهري لا من كلام أبي هريرة قال أبو داود وسمعت محمد بن يحيى يقول فانتهى الناس من كلام الزهري، وكذلك حكاه عن الأوزاعي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما لي أنازع القرآن» معناه أداخل في القرآن وأغالب عليها.
وقد تكون المنازعة بمعنى المشاركة والمناوبة، ومنه منازعة الناس في النِدام.
قال أبو داود: حدثنا ابن المثنى حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن زرارة عن عمران بن حصين «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فلما انفتل قال أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى فقال رجل أنا فقال علمت أن بعضكم خالجنيها».
قوله: «خالجنيها» أي جاذبنيها، والخلج الجذب. وهذا وقوله: «نازعنيها» سواء وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة حتى تداخلت القراءتان وتجاذبتا.
وأما قراءة فاتحة الكتاب فإنه مأمور بها في كل حال إن أمكنه أن يقرأ في السكتتين فعل وإلا قرأ معه لا محالة.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فروي عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام وروي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرؤون. وافترق الفقهاء فيها على ثلاثة أقاويل فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون لابد من أن يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به وفيما لا يجهر. وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق يقرأ فيما أسر الإمام فيه ولا يقرأ فيما جهر به.
وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي لا يقرأ أحد خلف الإمام جهر الإمام أو أسر، واحتجوا بحديث رواه عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.